لماذا اتجهت الشركات العالمية إلى دبلن .. وادي السليكون الأوروبي

لماذا اتجهت الشركات العالمية إلى دبلن .. وادي السليكون الأوروبي


عندما نسمع عن عمالقة التكنولوجيا فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا وادي السيليكون في كاليفورنيا، والذي يضم مقرات أكبر صانعي التكنولوجيا وشركات الإنترنت في العالم، لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن هذه الشركات تتجه إلى توسيع دائرة نفوذها والتوسع بمقرات تتواجد في المناطق الحيوية وعواصم التكنولوجيا في العالم؛ محاولة من هذه الشركات لإحكام السيطرة على مجالات عملها في ظل تراجع مؤشرات السوق لأغلب عمالقة التكنولوجيا لتراجع الابتكارات في السنين الأخيرة.

أحد أهم الأماكن التي باتت وجهة لهذه الشركات هي منطقة حوض السليكون في دبلن عاصمة أيرلندا أو ما بات يعرف بوادي السليكون الأوروبي.

قد يبدو الأمر غريباً بعض الشيء حيث أن اسم أيرلندا لا يتردد كثيراً بين الدول الأوروبية الغنية، بينما الأرقام تقول عكس ذلك،
حيث أصبحت أيرلندا مؤخرًا واحدة من أغنى الدول في العالم، حيث احتلت المرتبة الرابعة في العالم في الناتج المحلي الإجمالي للفرد.

– توظف الشركات متعددة الجنسيات الأجنبية 25 ٪ من القوى العاملة فى البلاد.
– ينشط في أيرلندا أكثر من 700 شركة متعددة الجنسيات تتخذ من حوض السليكون مقراً لها.
– أكثر من 150 ألف موظف من المقيمين في أيرلندا يعملون لدى هذه الشركات.
– أكثر من مليون موظف يعملون في وظائف مرتبطة بشكل غير مباشر بهذه الشركات.
– استثمرت هذه الشركات ما يربو عن 380 مليار دولار في السوق الأيرلندي.

 

 

لماذا دبلن؟ ثغرة ضريبية كانت السبب

كل هذه الأرقام تعكس تأثير هجرة هذه الشركات إلى سوق أوروبي جديد على نموها وأيضاُ على اقتصاد البلاد المحلي. ويبقى السؤال هنا ما الذي يدفع شركات أمريكية في الأساس عند اختيار سوق أوروبي أن تختار أيرلندا وهي بلد بحجم ولاية إنديانا؟

أيرلندا هي الملاذ الضريبي الأكبر فى العالم، بينما ينص القانون الأيرلندي على أن الشركات الأجنبية يجب أن تدفع ضرائب بقيمة 12.5% فإن هذه الشركات تدفع فعليا ضرائب لا تتجاوز 4% من المداخيل وفقا لخبراء الاقتصاد في بركلي.

استفادت أيرلندا -ربما عن غير قصد من ثغرة ضريبية -كان أول من اكتشفها واستفاد منها عملاق الهواتف النقالة آبل – حيث افتتحت الشركة فرعين لها في أيرلندا وكانت تقوم بتحويل أرباح الفرعين إلى فرع منهما ثم إلى فرع فى هولندا وأخيراً إلى فرع الآخر في أيرلندا.

مكنت هذه الثغرة الضريبية الشركات من تجنب دفع ثلثي الضرائب تقريباً، لكنها على الرغم من ذلك كان لها انعكاس إيجابي على الاقتصاد الأيرلندي بشكل مباشر حيث استفاد الاقتصاد المحلي من تدفق الأموال وتوسع هذه الشركات في العاصمة وجعل منطقة حوض السليكون مركزاً اقتصادياً في أوروبياً.

لكن المفوضية الأوروبية دخلت على الخط فى 2016 حيث اكتشفت أن شركة آبل دفعت للحكومة الأيرلندية ضرائب تقدر ب10 مليون دولار على أرباح تجاوزت 16 مليار في ذات العام بينما في بلدها الأم كانت لتدفع 39% من الأرباح أى ما يقدر ب6 مليارات، ودفع هذا التفاوت المفوضية لإلزام آبل بدفع الضرائب المتراكمة لسنوات والمقدرة ب 14 مليار دولار، لكن أيرلندا استأنفت القرار لتجنب خروج هذه الشركات من السوق الأيرلندي.

لا شك أن سياسة أيرلندا ساعدت آبل كثيرا عن طريق تجنب دفع الكثير من الضرائب، وأيضاً ساعدت الاقتصاد الأيرلندي في النمو لكنها أيضا تضمنت آثاراً سلبية على الاقتصاد الأمريكي، حيث خسرت الحكومة الأمريكية عشرات المليارات من أموال الضرائب بالإضافة إلى فرص العمل. مما دفع دونالد ترامب إلى عرض إعفاء آبل من دفع الضرائب إذا قامت بنقل مصانعها من الصين إلى الولايات المتحدة لكن آبل ظلت متمسكة بحرية العمل في أماكن أخرى في العالم بعيداً عن قيود السوق الأمريكي وهو ما لا يدركه الكثيرون.

 


0 Comments

ما رأيك؟ قم بالتعليق

%d مدونون معجبون بهذه: