كيف سيغير الذكاء الاصطناعي من سوق العمل، وما حجم الخطر الذي يمثله على وظائفنا؟
خلال السنوات العشر المقبلة سيتضاعف دور الذكاء الاصطناعي في أنظمة إدارة الشركات، لكن هناك سؤالين مهمين يشغلان ملايين الأشخاص ممن يعملون في وظائف قد تتأثر بتطور حلول الذكاء الاصطناعي، أولاً ما هي الوظائف الأكثر تأثراً بهذه الطفرة؟ وهل تمثل خطراً حقيقياً على مستقبل الوظائف التي يشغلها البشر؟
يعزز تلك المخاوف لدى القوى العاملة في الوطن العربي ضعف الرقابة على شركات القطاع الخاص، وعدم وجود نظم تأمين وقوانين واضحة تحفظ حقوق العاملين لدى تلك الشركات، فهل هناك ما يدعو للقلق بالفعل؟
السؤال عن ماهية الوظائف الأكثر تأثراً بحلول الذكاء الاصطناعي في 2019 يماثل السؤال الذي طُرح في أواخر الثمانينات عن الوظائف التي ستتأثر ببزوغ عصر الكمبيوتر، بكل بساطة يمكن القول بأن جميع القطاعات والمهن على مستوى العالم قد تشهد هذا التأثر.
يقول خبير الذكاء الاصطناعي بين جورتزل أن توقع عمق التأثير الذي سيُحدثُه الذكاء الاصطناعي على مستقبل الوظائف صعب للغاية نظراً لسرعة التطور في هذا الإتجاه والذي يتجاوز سرعة تأثير الحواسيب على نواحي حياتنا عشرات المرات.
استمرار زحف هذه التغيرات تعكسه الأرقام، فطبقاً لدراسة نشرتها مؤسسة جالوب فإن 14% من الشركات المصنعة وشركات الخدمات التجارية في جنوب وشرق آسيا أصبحت تتبنى حلول الذكاء الاصطناعي في أعمال إدارية كان يشغلها الموظفون ذوي المهام التقليدية مقارنة بنسبة 8% فقط في عام 2018.
الأمر المؤكد هو أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في اتجاهه نحو الزيادة، حيث ترى كبرى الشركات في آسيا أن هذه التقنيات ستسرع من عمليات النمو وتقلل من الوقت اللازم بين طلب الخدمة ووصولها إلى العميل، كما ستساعد في سد الفجوة المتزايدة بين سرعة التطور التقني في عمليات التصنيع والتعبئة والشحن وبين مهارات الأفراد؛ حيث ستمكن هذه التطبيقات شخص واحد من القيام بعمل مجموعة أشخاص وبصورة أسرع (على سبيل التخيل لو احتجت شخصاً مسؤولاً عن إنارة المصابيح في كل غرفة في منزلك، فعن طريق الأجهزة الذكية يمكن لشخص واحد التحكم في إنارة جميع الغرف وبشكل أفضل من اليدوي من خلال تطبيق على هاتف ذكي تستطيع المصابيح التي تعتمد تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي فهم أوامره) مما يعني بالضرورة تقلص دور العامل البشري في الكثير من الوظائف التقليدية.
هذا الإنخفاض للقيمة الاقتصادية للعامل البشري في سوق العمل يعني أن الوظائف التي ستحتاج للعامل البشري ستقتصر على الأطباء، الفنانين والأخصائيين النفسيين .. أي المهن التي تستوجب وجود تواصل إنساني بين فردين أو فرد ومجموعة أفراد للاحتفاظ بقيمتها، لكن هل سيقفز الذكاء الاصطناعي مباشرة لأخذ أدوارنا؟ وكيف يمكن أن نؤمن مستقبلنا المهني من التغيير القادم؟
المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل كانت قد ألمحت في حديث أجرته في مطلع هذا العام عن طبيعة الوظائف التي ستحتاج إليها أوروبا في السنوات العشر المقبلة.
” نحن نحتاج إلى المهارات التقنية، من يريد أن يأتي إلى أوروبا من أجل العمل عليه أن يتخصص في إحدي هذه التخصصات: تكنولوجيا المعلومات، البرمجة، علوم البيانات والتعلم الآلي machine learning (يقصد به عملية تطوير أكواد وخوارزميات تسمح للحواسيب بتنفيذ الأوامر بشكل مرن وذكي”.
يمكن أن تقرأ من بين السطور أن ميركل ألمحت إلى أن ما تحتاجه الشركات في الأعوام المقبلة هم أشخاص على مستوى رفيع من التدريب والخبرة في علوم الحاسب السالف ذكرها ليصبحوا جزءًا من عملية الانتقال إلى عصر الذكاء الاصطناعي؛ لذا يمكن اعتبار إتقان هذه العلوم هو الضامن لوظيفة ومسيرة مهنية مستقرة في المستقبل .. حيث أن في نهاية مراحل تطبيق حلول الذكاء الاصطناعي داخل المصانع والشركات ستظل الوظائف السالف ذكرها تحتاج إلى العامل البشري.
على سبيل المثال فإن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الأعوام المقبلة ستتولي القيام بالمعاملات الحسابية الروتينية ومراجعة وإنشاء قواعد البيانات لدى الشركة، ثم ستنتقل للقيام بالمعاملات الخاصة بالزبائن واستنتاج نتائج القرارات الاستراتيجية التي تعرضها عليها الإدارة لتمكن المدراء من اختيار الحل الأنسب، خلال ذلك سيتم الاستغناء عن الكثير من الأدوار التقليدية داخل الشركات لمصلحة الوظائف عالية المهارة السالف ذكرها والتي ستبقى التكنولوجيا الجديدة في حاجة إليها.
كيف ترى دخول الذكاء الاصطناعي أكثر وأكثر إلى الوظائف في الفترة القادمة؟
المصدر: nationthailand
0 Comments