الصين في سباق للهيمنة على أسواق الشرق الأوسط، لماذا؟ وما انعكاس ذلك على بيئة الأعمال العربية؟
شهد الأسبوع عقد قمة تبادل تجاري في أبوظبي ترأسها محمد بن زايد حاكم الإمارة والرئيس الصيني شي جين بينج بحضور ممثلي أكثر من 240 مؤسسة اقتصادية، و توقيع 16 اتفاقية تعاون مشترك بين الدولتين في عدة مجالات تجارية واقتصادية.
من بين هذه الاتفاقات كان أكثرها لفتاً للنظر تلك التي وقعها محمد العبار رئيس مجلس إدارة شركة “إعمار” – المالكة لدبي مول- بقيمة تتجاوز 11 مليار دولار بهدف قيام الشركة بأعمال التطوير لمرافق مطار بكين الدولي، بالإضافة لشراكة بين نون دوت كوم المملوكة لنفس الرجل وشركة neolix الصينية للصناعات التكنولوجية، بموجبها ستستخدم متاجر سوق نون في دبي جيل من المركبات بدون سائق التي تنتجها الشركة الصينية لتوصيل طلبات العملاء داخل الإمارات.
هذه الصفقات الجديدة لا تقتصر على الإمارات وحدها. تنظر الصين إلى الإمارات باعتبارها طريقًا للوصول إلى الأسواق الأخرى في المنطقة، وهي المملكة العربية السعودية ومصر، حيث تعد الصين الآن ثاني أكبر شريك تجاري في الشرق الأوسط.
منذ عام 2005، استثمرت الصين ما يقرب من 189 مليار دولار في المنطقة العربية، جاء معظمها بعد إطلاق مبادرة الحزام والطريق الصينية عام 2013 والتي كانت تهدف لبناء طريق يربط بين الصين والعالم العربية، وكانت المملكة العربية السعودية أكبر المستفيدين من هذه الاستثمارات حيث بلغت 37.55 مليار دولار، والإمارات العربية المتحدة 32.82 مليار دولار، ومصر 25.06 مليار دولار، وفقًا لمعهد أمريكان إنتربرايز (AEI).
لماذا دخلت الصين هذا السباق؟
تمكنت بيئة ريادة الأعمال الصينية في غياب عمالقة مثل أمازون وجوجل عن السوق الصيني، من إنشاء العديد من الشركات والمنصات الإلكترونية التي تمكنت من الصمود والنمو حتى أصبحت من عمالقة أسواق التجارة العالمية.
لكن الصين لا تريد الاكتفاء بذلك، هي تريد أن تصبح جزءاً فاعلاً ولاعبًا رئيسياً في المنطقة العربية مما سيجبر عمالقة التجارة الأمريكية على التعاون معها.
على سبيل المثال دخول تطبيق WeChat الصيني للسوق العربي سيمنح الشركة ملايين البيانات الخاصة بالمستخدمين والتي ستشجع شركات مثل WhatsApp على الدخول في شراكة وتعاون مع التطبيق الصيني، نفس الأمر يسري على شركة خدمات التوصيل الصينية Didi Chuxing ورغبة شركة Careem في عقد شراكة معها.
كيف سينعكس ذلك على الأسواق العربية؟
من المرجح أن يخلق وصول شركات التكنولوجيا الصينية فرصًا لتعزيز نمو وتمويل الشركات الناشئة في الشرق الأوسط من خلال استحواذ عمالقة الصين على جزء من أسهم هذه الشركات، مما يعني تعزيز بيئة ريادة الأعمال لكن بالضرورة أيضا سيعزز من هيمنة الصين على جزء من الأسواق العربية.
الصين تريد تصدير فكرة أن كل شيء ممكن من خلال إعادة إنتاج النموذج الصيني الذي تمكن من فهم احتياجات المستهلك الصيني ونجح في إنشاء مشروعات وشركات استطاعت سد حاجات السوق الصيني في غياب الشركات العملاقة التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها.
مشروعات استثمار”الأموال الذكية” كما يحلو للصينيين تسميتهم لن يخلقا فقط المزيد من فرص العمل والمنافسة في منطقتنا، ولكن سيوفر الصينيون حتماً قدراتهم في مجال البحث والتطوير والتي ستحفز النمو الاقتصادي والابتكار لخلق نظام لريادة الأعمال يتسم بالمزيد من الخبرة والقدرة المادية والخططية.
المصدر: ومضة
0 Comments