المال والسعادة
ربما سمعت يوماً ما أن المال لا يشتري السعادة، لكن ربما أيضاً الشخص الذي أخبرك بهذه الحكمة يمتلك الكثير من المال لذلك لا يعنيه إذا أطلق على مسامعك عبارة كتلك. لكن ومع التحفظ على المراد من وراء هذا القول، لا يمكن أن نجذم بصحة أو خطأ هذه العبارة بشكل قاطع، لكن ربما نحتاج فقط إلى إعادة صياغتها.
ما هو أقرب للحقيقة، هو أن امتلاك المال لايعني امتلاك كل شيء، لكن هذه الصياغة الجديدة تفتح الباب أمام الاحتمال الآخر، وهو أن فقدانه أيضاً يعني الكثير من المتاعب والخوف والغضب.
هل ستظل تعمل من أجل المال؟
يقول وارن بافيت أن عدم إمتلاكك لعمل يدر عليك المال بينما أنت نائم، يعني بالضرورة أنك ستظل تعمل من أجل المال حتى تموت. أي أنه سيظل الهدف الذي تستهلك حياتك من أجله، والسراب الذي يسرق راحتك، والعدسة الضيقة التي ترى منها الحياة.
عندما لا نمتلك المال، تبدو كل المشكلات التي نعاني منها وكأن منبعها الأساسي هو فقدان المال، فنصبح أسرى لحالة الضعف والتفكير المتواصل في كيفية سد الديون والفواتير والاحتياجات اليومية، وهذا الأمر يقتل متعة الحياة ويصبح المرء مثل الآلة.
فكر جيداً..
فكر بها جيداً، بينما المال لن يتمكن من حل كل المشكلات في الحياة، ما المشكلة التي قد ينتجها مال تستثمره في عمل خاص يدخر لنا أموال تجعلنا أكثر أمناً. هذه الأموال ستحرر قراراتك في الحياة، لن تعمل في وظيفة لا تحبها أو تسكن في منزل ضيق أو تدخل أطفالك مدارس عادية لتجنب انهيار الميزانية، عندما تكون قراراتك وفقاً لما ترغب به وليس في إطار ما يحدده الراتب الثابت للوظيفة، عندها فقط تكون قد حققت الحرية المالية.
مفهوم الحرية المالية في وطننا العربي ربما عانى فهما مغلوطاً طيلة سنوات طويلة، استطاعت قلة ممن نشأوا في هذا المجتمع أن تتخلص منها وتبني مستقبلها بعيداً عن الوظيفة الاعتيادية.
لقد تصورنا طيلة سنوات أن الحرية المالية هي أن تكون عبداً لتكديس الأموال، بينما الحقيقة هي أن الحرية المالية تتحقق عندما تصبح الأموال تعمل في صالحك وتسعى من أجلك وليس العكس.
أبسط تعريف للحرية المالية هو ألا يكون للمال تأثير على ما تريد فعله، وألا تكون في حاجة للعمل للحفاظ على نفس مستوى المعيشة الذي تعيشه.
– ويكبيديا
لكن كيف يمكن أن نصل لتلك الحرية؟
هي عدة خطوات بسيطة تحتاج للعمل بذكاء أكثر من العمل بجهد كبير. هنالك قاعدة يستخدمها الراغبين في الوصول إلى الحرية المالية تسمى قاعدة ال4%، هذه المعادلة تعني أنك تحتاج إلى إستثمارات آمنة تحقق سنوياً ما لا يقل عن 4% أرباح لتغطي قيمة مصروفاتك السنوية.
بما يعني أنك إذا كنت تحتاج إلى مصروفات شهرية ألف دولار، أي أنك تحتاج 12 ألف في السنة، إذا أنت تحتاج إلى استثمار 300 ألف دولار للحصول على 4% تساوي مصروفاتك السنوية.
كيف يمكن أن نحصل على هذا الاستثمار؟
1- تجنب الاقتراض
كل شيء تستخدمه بشكل يومي في حياتك، هو معرض للطوارئ، أعطال المنزل، السيارة، تكاليف حدث مفاجئ . لذلك عوضاً عن الاقتراض من الكروت الائتمانية أو الأصدقاء أو غيرهم، قم في بداية الشهر عند استلام الراتب باقتطاع جزء يمثل من 12% إلى 20% منه تحت بند “صندوق الطوارئ” مما يعطيك شعور بالإلزام وإن كان سيضيق عليك في البداية بعض الشيء، لكن ستكتشف فوائده على المدى البعيد .
يمكن أن يتبادر إلى ذهنك، إذا لم يحدث لدي أمر طارئ ماذا أفعل بالأموال؟ هذا يعتمد عليك، هذه الأموال في الأصل أنت تدخرها شهراً تلو الأخر في المقام الأول، لتجنب تراكم ديون الاقتراض في حالة تعرضت لأمر طارئ، فأولى خطوات الحرية المالية هي ألا تكون مدين لأحد. بالإضافة لأهميتها في التخلص من ديونك الحالية في حال كان سدادها طارئاً.
وثانياً في حالة عدم حدوث حالة طوارئ، فمن المهم ادخار هذه الأموال بعيداً عن متناولك حتى تتجنب صرفها، وتنتظر حتى تكون مبلغ يُمكنك من بدء مشروع خاص.
2- تخلص من ديونك الحالية
وجود ديون أو التزامات مالية مستحقة لأشخاص أو جهات خارج مصروفاتك الشخصية، يقيد قراراتك ويكبل من حجم استفادتك بالأموال. لذلك قم بعمل جدول للديون المستحقة وحجم كل منها وحدد خطة زمنية عاجلة لسدادها سواء من الدين الأكبر للأصغر أو العكس حسب معطى أساسي:
- إذا كان الدين لبنك على سبيل المثال، فهذا يعني أنه يراكم الفوائد ببقائه لدي، لذلك مهما كان حجمه يجب أن يُعطى الأولوية أولاً.
- إذا كان الدين لأشخاص أو أقساط سيارة أو منزل أو جمعية وبدون فوائد، فهنا يمكن اتباع استراتيجية كرة الثلج. أي التخلص من الديون الأصغر لإعطاء أنفسنا الحافز والشعور بالإنجاز.
3- حدد الهدف
قم بتخطيط جدول بياني ودون فيه البنود التي تصرف فيها أموالك، والحد الأدنى الذي تحتاجه لكل عنصر، ثم قم بجمعهم وضرب الناتج في 12 لتحصل على ما حجم الأموال التي تحتاج إلى اقتطاعها من المرتب خلال سنة تعمل فيها حتى تتمكن من العيش بصورة آمنة في حالة حدوث أمر طارئ يمنعك من العمل مثل المرض أو فقدان الوظيفة، وضع هذا الهدف لنفسك سنوياً.
الاقتصاد الشخصي معني فالأساس بالادخار للتقاعد وتوفير حياة كريمة في حالة عدم القدرة أو الرغبة على العمل، لكنه أيضا يحتاج للتضحية في الوقت الذي تكون فيه بحالة صحية ومالية جيدة من أجل الأيام الصعبة. فهو باختصار “تضحيات قصيرة الأمد، من أجل مكاسب بعيدة الأمد”.
مثلاً اقتطاع 10000 دولار سنوياً من راتب المواطن الأمريكي في عمر 22 ووضعه في وديعة بنكية بفائدة 10%، وتركه لمدة 50 عام أي حتى التقاعد. هذا يعني أنه سيصبح أكثر من مليون دولار.
يمكنك حساب ما يمكن أن تحصل عليه من ادخار جزء من أموالك بعد عدد من السنوات وفق ما تريده عن طريق موقع حساب الفائدة المركبة Compound interest calculator لتعطي لنفسك الحافز لتبدأ الآن، ألا تحب أن تكون حراً!
المصدر: Matt D’Avella
0 Comments