القيادة بالتعاطف.. دروس من رئيسة وزراء نيوزيلندا في إدارة الأزمات


لا يتمني أي زعيم أو قائد ان يصبح في منصب للتعامل مع أزمة وكارثة إنسانية مثل التي حدثت في نيوزيلندا، ولكن “جاسيندا أرديرن” رئيسة الوزراء المنتخبة نجحت ببراعة في اختبار القيادة وأعطت دروساً للقادة حول العالم

من المعروف عن رئيسة وزراء نيوزيلندا “جاسيندا أرديرن” كونها منفتحة ومحبوبة في البلاد، لكن نقادها يقولون إن ذلك يجعلها زعيمة ضعيفة.

تقول جاسيندا ” الأمر يتطلب الشجاعة والقوة لكي أكون متعاطفة مع الناس، وأنا فخورة بأنني زعيمة وعطوفة وسياسية”.

في هذا الفيديو تقول بأنها تحاول رسم مسار مختلف في الـ Empathetic Leadership أو القيادة بـ “التعاطف”.

تذكر جاسيندا أنها اتخذت قرارًا متعمدًا لرسم مسار مختلف ع السلوك التقليدي والعدائي للسياسيين، حيث إنها يمكن أن تكون صادقة مع نفسها وتعمل بنوع القيادة التي تؤمن بها في نفس الوقت.

القيادة بالتعاطف Empathic leadership

القيادة بالتعاطف Empathic leadership هي نوع من أنواع القيادة تتميز بالتعاطف والتواصل النفسي مع مشاعر وأفكار ومواقف الآخرين، وتتميز بقدرة القادة على فهم الناس بشكل كبير والتعامل معهم من خلال هذا الفهم العميق لاحتياجاتهم.

ومع ذلك، ففي عالم متقلب ومعقد وغامض، يمكن أن تصبح القيادة أكثر صعوبة؛ وقد تجلى ذلك في الفضائح التي حظيت بشهرة واسعة في هذا القرن.

كنتيجة لهذه الفضائح، كانت هناك دعوة إلى أشكال أكثر إيجابية للقيادة – مثل ما تفعله جاسيندا، والتي ستعيد الثقة في جميع مستويات القيادة، وتستعيد الثقة والأمل والتفاؤل بين الناس.

أصبحت “جاسيندا” مؤخراً ملهمة للقادة حول العالم من خلال قيمها التقدمية وشبابها وجاذبيتها وأيضاً كأم، حيث جذبت اهتمامًا لهذا البلد الصغير في المحيط الهادئ.

ثاني زعيمة منتخبة تلد طفلاً وهي في السلطة في التاريخ

أثناء عملها كرئيسة للحكومة، حصلت جاسيندا على إجازة وضع استغرقت 6 أسابيع، كثاني زعيمة منتخبة تلد طفلاً وهي في السلطة في التاريخ، فمنذ 31 عاماً وضعت رئيسة وزراء باكستان الراحلة “بنظير بوتو” طفلة عام 1990م.

وعادت أرديرن إلى ممارسة مهامها حاملة رضيعتها التي أصبحت أصغر مشاركة في جلسات الأمم المتحدة التي أقيمت في شهر سبتمبر من العام الماضي، حيث شاركت أرديرن في تلك الجلسات مع زوجها وظهرت أمام قادة العالم تحمل طفلتها.

وقالت أرديرن، في أول مقابلة بعد إجازة الوضع مع تليفزيون نيوزيلندا “أشعر بالقلق يومًا بعد يوم بشأن الرضاعة والنوم والحفاضات، ربما أكون من أوليات من يفعلن شيئًا لم يحدث كثيرًا، لكن الأمر سيصبح عاديًا يومًا ما”.

تولت جاسيندا أردرن – من مواليد 1980 – منصب رئاسة الوزراء، بعد أن حقق حزبها الفوز في الانتخابات العام الماضي بعد غياب دام لأكثر من عشر سنوات عن السلطة، رغم أنه لم يكن قد مضى على انتخابها رئيسة للحزب سوى سبعة أسابيع.

أعلنت جاسيندا عند انتخابها عن نيتها لتقديم مساعدات مادية لأسر الأطفال ليتمكنوا من دفع الايجار ورعاية الصغار بالإضافة إلى تمديد إجازة الأبوة والأمومة المدفوعة من 18 إلى 26 أسبوعا.

الحزم مع القادة المتعصبين

في ردها على ترامب حول الأزمة، قالت جاسيندا إنها طلبت من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إبداء “التعاطف والمحبة” حيال كافة المجتمعات المسلمة.

الحزم مع منصات الإنترنت

أعلنت جاسيندا أرديرن أنها تنتظر توضيحات من فيسبوك وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي بشأن بث مقاطع مصورة من المجزرة.

وقالت أرديرن إنه لا يزل هناك “أسئلة تتطلب أجوبة” من شركات الإنترنت الكبرى، مشيرة إلى أنها على تواصل مع مديرة العمليات في فيسبوك “شيريل ساندبرغ”.

وأعلن موقع فيسبوك “قمنا خلال الساعات الـ 24 الأولى بسحب 1,5 مليون مقطع فيديو للهجوم في العالم، بينها أكثر من 1,2 مليون تم حجبها أثناء التنزيل”.

الاعتراف بالأخطاء ومحاولة تصحيحها

أعلنت جاسيندا، أن مكتبها تلقى “بيانا” من المجرم قبل تسع دقائق من بداية الحادثة.

وأوضحت أرديرن لصحافيين “كنت واحدة من أكثر من ثلاثين متلقيا للبيان الذي أرسل قبل تسع دقائق من حصول الاعتداء” على المسجدين.

وأشارت إلى أن البيان “لم يتضمن أي موقع أو تفاصيل محددة”، مضيفة أنه تم إرساله إلى أجهزة الأمن خلال أقل من دقيقتين بعد استلامه.

وأكدت أن “المتهمين لم يكونوا على أي قائمة من قوائم المراقبة”.

وأكدت أن قوانين الأسلحة في البلاد يجب أن تتغير عقب الهجوم، وتعهدت بتغيير قوانين الأسلحة في البلاد.

مشاركة الضحايا عاطفياً معاناتهم وتعويضهم

زارت جاسيندا أردين، مركز “كانتبري” للاجئين في مدينة كرايست تشيرش، مرتدية الحجاب، للتضامن مع أهالي الضحايا.

وردا على سؤال، قالت إن 10 آلاف دولار ستصرف لأسرة كل ضحية، ويمكنها إنفاق ذلك على نقل الجثمان للدفن خارج نيوزيلندا، لو رغبت الأسرة.

وتحدثت أرديرن عن خدمات ستقدمها حكومتها لمساعدة المدارس أمنيا ونفسيا للطلاب.

كما قامت “نائلة حسن”، مديرة الشرطة في مدينة أوكلاند المعروفة بكبرى مدن نيوزيلندا، وفيها يقيم أكثر من ربع سكان البلاد البالغين 5 ملايين، بإذاعة خطاب، أعلنت فيه أنها مسلمة، بل بدأت كلمتها بتحية الإسلام وبالحمد لله والصلاة على رسوله الكريم، وقالت إنها فخورة بإسلامها.

بكت نائلة حسن، حين كانت تتحدث بصوت متهدج عن الضحايا، وذكرت أنها صاحبة أعلى رتبة في الشرطة يصل إليها ضابط مسلم فيها، مضيفة: “أنا فخورة بكوني مسلمة وقائدة في شرطة نيوزيلندا ما أقوله رسالة تحذير وتأكيد على أمن وسلامة إخواننا وأخواتنا ومجتمعاتنا في جميع أنحاء نيوزيلندا”.

أكدت نائلة عن احتفاظها بإسلامها لنفسها طوال 20 سنة من عملها في الشرطة، ولم تذكره لأحد، لا لشيء بل لأن أحدا لم يسألها عن ديانتها.

سرعة رد الفعل

بعد ساعات من الحادث تمكنت الشرطة من القبض علي المتهم بتنفيذ العملية وتقديمه للمحاكمة وتصويره أمام الرأي العام العالمي لإثبات سرعة تقديمه للعدالة (مع التشويش علي وجهه وتعبيراته) لمراعاة مشاعر أهالي الضحايا وعدم التأثير علي حقوقه كمتهم في محاكمة عادلة.


0 Comments

ما رأيك؟ قم بالتعليق

%d مدونون معجبون بهذه: